فصل: مطلب فتح أن وكسرها في هذه السورة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب فتح أن وكسرها في هذه السورة:

هذا، وقد اختلف القراء في فتح أن وكسرها من أول السورة إلى هنا عدا التي بعد القول إذ لا قول فيها، فقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وحفص بفتح الهمزة، ووافقهم أبو جعفر في ثلاث منها وهي:
1- {وأنه تعالى}.
2- {وأنه كان يقول}.
3- {وأنه كان رجال}.
واتفقوا على الفتح في {أنه استمع}، {وأن المساجد للّه}، لأن ذلك لا يصح أن يكون من قول الجن بل هو مما أوحي للنبيّ خاصة، وقالوا يصح بالبواقي الفتح والكسر، فوجه الكسر بالعطف على {إنا} التي هي بعد {قالوا} من عطف الجمل، ووجه الفتح على المفعولية.
ومن المعلوم أن إن تفتح في عشرة مواضع وتكسر في عشرة أيضا، فراجعها في كتب النحو وأوضحها مغني اللبيب.
واعلم أنه لا دليل في هذه الآية لمن لا يرى ثوابا للجن، وذلك لأن اللّه تعالى ذكر هنا عقابهم على عدم الإيمان وسكت عن ثوابهم إذا آمنوا، لأن اللّه تعالى قال: {فأُولئِك تحرّوْا رشدا} وهذا كاف لثبوت الثواب لذكر سببه وهو تحري الرشد، وإذا وجد السبب يوجد المسبب واللّه أكرم من أن يعاقب القاسط ولا يثيب الراشد، بل من مقتضى عدله إثابته، لأن الرشد لا يأتي إلا بخير والخير ثوابه الجنة.
أما قوله فإنهم خلقوا من النار، والنار لا تكون عذابا لمن خلق منها كالسمندل مثلا فإنه يرى نفسه منعما فيها لأنه يبيض ويفرّخ فيها كالبخ في الثلج والسمك في الماء والطير في الهواء، سبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى كلا لما خلق له وحبّبه فيه، فبغير محله لأنهم بعد ما آمنوا واستحقوا الجنة، فقد تغيروا من تلك الهيئة وصاروا خلقا آخر، فتكون النار عذابا لكافرهم الذي لم يتبدل خلقه ليذوق ألمها، والجنة ثوابا لمؤمنهم الذي تبدل خلقه ليذوق نعيمها، على أن اللّه قادر على أن يعذب النار بنار أشد منها إذا فرض بقاؤهم على هيئتهم الأولى، وبعد أن بين اللّه من أول السورة إلى هنا ثلاث عشرة حقيقة على لسان الجن شرع جل شرعه بيان الحقائق التي يجب أن يحاط بها علما وهي سبع من هذه الآية لآخر السورة، وقد قسم فيها العباد على ثلاثة: مسلم ومؤمن وقاسط، تدبر.
قال تعالى: {وأنْ لوِ اسْتقامُوا على الطّرِيقةِ} المستقيمة ملّة الإسلام وأن هنا مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشان وضمير استقاموا يعود إلى الإنس والجن معا، وقرأ الأعمش بضم واو لو، أي والحال والشان لو استقاموا {لأسْقيْناهُمْ ماء غدقا} 16 كثيرا فوسعنا عليهم أرزاقهم التي أصلها من الماء قال تعالى: {وجعلْنا مِن الْماءِ كُلّ شيْءٍ حيٍّ} الآية 30 من سورة الأنبياء، وقال بعض المفسرين إن هذه الآية خوطب بها أهل مكة على طريق الالتفات بعد أن أتم الخبر عن الجن أي لو استقام أهل مكة على الطريقة السمحة المعروفة طريق الحق والإيمان والهدى والرشد لأكثرنا عليهم الماء الذي هو أصل معاشهم وفي كثرته تكثير الخيرات التي هي أصل سعة الرزق، والأول أولى نظرا للسّياق والسّباق {لِنفْتِنهُمْ فِيهِ} أي الماء المسبب عنه كثرة الرّزق فنختبرهم به أيشكرون أم يبقون على كفرهم.
والذي خصّ هذه الآية بأهل مكة أراد أنها على حد قوله تعالى: {ولوْ أنّ أهْل الْقُرى آمنُوا واتّقوْا لفتحْنا عليْهِمْ بركاتٍ مِن السّماءِ والْأرْضِ} الآية 96 من آل عمران المارة وهو وجيه لو لم يكن فيه الالتفات وتغيير نسق العطف دون حاجة فضلا عن استقامة المعنى بالنسبة لما قبل الآية وبعدها واتباع الظاهر أظهر، قال تعالى: {ومنْ يُعْرِضْ عنْ ذِكْرِ ربِّهِ} الذي ذكر به عباده من آيات وعبر ولم يوحده حسبما أمر وعكف على إشراك غيره معه وأصر ومات على ذلك وانقبر {يسْلُكْهُ} يدخله {عذابا صعدا} 17 شاقا يعلوه ويغلبه فلا يطيقه، راجع تفسير الآية 17 من سورة المزمل المارة، وهنا يتبادر لي أن التفسير من قوله: {وأنْ لوِ اسْتقامُوا} إلى هنا على طريق الالتفات الذي ذكر آنفا أولى، لأن إعادة الضمير من هناك إلى هنا إلى الجن مطلقا أو إلى القاسطين منهم على رأي البعض أو لمن ثبت منهم ومن الإنس على الكفر على قول الآخر أولى لأن الجن لا ينتفعون بالماء انتفاع الإنس، ولأن استعمال الاستقامة على الطريقة في الاستقامة على الكفر وجعل النعمة استدراجا من غير قرينة على الاستدراج مخالف لظاهر القرآن، فضلا عن أن الطريقة جاءت معرفة فانصرافها إلى الطريقة المثلى وهي ملة الإسلام طريقة الهدى والرشد أولى من صرفها إلى طريقة الضلال والكفر على غير ظاهرها من غير دليل، لهذا لم أره موفقا لمخالفة نسق التنزيل.
وبما أن هذه الآية معطوفة على قوله تعالى: {أنّهُ اسْتمع} أي أوحي إليّ أنه استمع وأوحي إليّ {أنْ لوِ اسْتقامُوا} ولا يضر تقدم المعطوف على غيره على القول به لظهور الحال وعدم الالتباس لذلك فإن إعادة الضمير إلى الجن فقط بغير محله، كما أن حصره بالإنس فقط غير موافق، فيكون الأحسن والأجمع للقولين عوده للجن والإنس معا تبعا لبعض المفسرين العظام، فيكون إسقاء الماء للإنس بطريق التغليب على الجن والاستقامة للإنس والجن معا ومثله كثير ووجيه اتباعه والأخذ به واللّه أعلم.
قال تعالى: {وأنّ الْمساجِد لِلّهِ} عطف أيضا على أنه استمع، أي وأوحي إليّه صلى الله عليه وسلم أن البيوت المبنية للعبادة هي خاصة له تعالى لا علاقة باختصاص أحد فيها غيره، ولا يختص بها لأجل التعبّد واحد دون آخر، فيستوي فيها الكبير والصغير والعظيم والحقير والمالك والمملوك والغني والصعلوك، وهذا لا يمنع تسمية الجامع باسم بانيه لما فيه من هضم حقه وتقليل الرغبة لغيره لأن معنى للّه هو ما ذكرناه من تساوي الناس فيه ليس إلا، ويدخل في هذا المعنى كنائس النصارى وكنيس اليهود والبيع والخلوات العامة، أما المحلات التي يتخذها غير أهل الكتب السماوية لعبادتهم المزعومة فلا تدخل فيها لأنها لم تنشأ لعبادة اللّه وإذا علمتم أيها الناس أن هذه المساجد خاصة للّه {فلا تدْعُوا} فيها ولا خارجها بأن تنادوا أو تعبدوا {مع اللّهِ أحدا} 18 في الدعاء وغيره فتشركون وتدخلون في معنى الآية 17 المارة.
قال سعيد بن جبير: المراد بالمساجد أعضاء الإنسان السبعة، أي الجبهة واليدين والرجلين والركبتين التي يسجد عليها، لأنها مخلوقة للّه فلا تسجدوا عليها لغيره.
وهذا قول صحيح لكنه لا يصح أن يكون تفسيرا للآية لمخالفة الظاهر دون دليل أو حاجة، وإنا عهدنا على أنفسنا أن لا نحول في تفسيرنا هذا عن ظاهر القرآن ما وجدنا مخرجا البتة، وهذه الأعضاء وإن ورد فيها أحاديث صحيحة لكن لا على أنها تفسير لهذه الآية.
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قال: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نسجد على سبعة أعضاء وأن لا نكفّ شعرا (كف الشعر عقصه وغرز طرفه في أعلى الضفيرة) ولا ثوبا (بأن نؤخره عن المسجد إذا وقع عليه)» والمراد بالأعضاء السبعة ما ذكرناه آنفا {وأنّهُ لمّا قام عبْدُ اللّهِ} محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا معطوف أيضا على أنه استمع {يدْعُوهُ} بقراءة القرآن في الموقع الذي مر ذكره قبلا.
هذا، وما جاء بالخبر من أنه كان يصلي بأصحابه صلاة الصبح عند تفسير الآية 9 المارة يحمل على صلاة كان يصليها تعبدا وهي ركعتان بالغداة وركعتان بالعشيّة فرضت عليه خاصة، لأن الصلاة لم تفرض بعد ولأن حادثة الجنّ وقعت قبل الإسراء كما أشرنا آنفا إلا أن يقال إن الإسراء في السنة الخامسة عند نزول سورة والنجم، أو أن الإسراء نزلت متأخرة عنه، فتكون من الذي تقدم حكمه على نزوله، وقوله على فعله وحينئذ يكون المراد بهذه الصلاة، الصلاة المفروضة، وكذلك كل صلاة ورد ذكرها بعد سورة والنجم، ولم أجد ما يؤيد هذا ولم أحظ بجواب من العلماء فيه وهو مما توقفت فيه حيث لم أجد قولا من المفسرين الذين اطلعت على تفاسيرهم في هذا، فأسأل اللّه أن يوفقنا قبل إتمامه على ما هو الصواب لنضعه فيه ومن اللّه التوفيق {كادُوا} أي الجن والإنس المذكورون في الخبر المار ذكره {يكُونُون عليْهِ لِبدا} 19 متلبدين يركب بعضهم بعضا من شدة الازدحام على رؤيته واستماع القرآن منه، كي لا يفوتهم شيء مما قرأه عليهم.
وهذه الآية تدل على أنهم كانوا أكثر من سبعة أو تسعة كما في الخبر، ويؤيد الكثرة أن معنى النفر ينصرف إلى الأربعين كما نوهنا به أول السورة، ثم ان كفار مكة لما رأوا حضرة الرسول رجع من الطائف حزينا لما رأى من قسوتهم وما أصابه من أذاهم وردّ دعوته لهم بالإيمان، قالوا يا محمد لقد جئت بأمر عظيم، فارجع عنه إلى دين آبائك ونحن نجيرك من أهل الطائف وغيرهم ونحميك منهم ونكفيك أمر الدنيا، فأجابهم صلى الله عليه وسلم بما أوحى اللّه تعالى إليه {قال إنّما أدعوا ربّي} وحده وأحصر عبادتي وحمايتي وإعانتي وكفايتي بحضرته المقدسة، وقرئ {قُلْ} بلفظ الأمر، وهي قراءة جائزة إذا لا زيادة فيها ولا نقص في المعنى واللفظ غير مد القاف {ولا أُشْرِكُ بِهِ أحدا} 20 من خلقه في العبادة والنصرة والطّلب، فلم تتعجبون مما جئت به ولا جله، تطبقون على عداوتي {قُلْ} لهم أيضا {إِنِّي لا أمْلِكُ لكُمْ ضرّا} إذا بقيتم على كفركم {ولا رشدا} 21 إذا آمنتم باللّه وحده، ومعنى {رشدا} هنا نفعا لأنها بمقابلة ضرا، أي لا أقدر على شيء من ذلك كله، لأنه من خصائص اللّه الذي أرسلني إليكم منذرا لا مسيطرا ولا كفيلا {قُلْ} لهم أيضا {إِنِّي لنْ يُجِيرنِي مِن اللّهِ أحدٌ} إذا أنا رجعت إلى دينكم وأرادني بسوء فلن يقدر أحد على دفع عذابه عني، وهذا كقول صالح لقومه {فمنْ ينْصُرُنِي مِن اللّهِ إِنْ عصيْتُهُ} الآية 62 من سورة هود {ولنْ أجِد مِنْ دُونِهِ مُلْتحدا} 22 نفقا أدخل فيه إلى الأرض ومحترزا اختبئ فيه أو ملجأ ألجأ إليه من عذابه، وقد يراد به اللحد وفيه قال:
يا لهف نفسي ونفسي غير مجدية ** عني وما من قضاء اللّه ملتحدا

أي مقبر وهو يريد مدخل اللحد {إِلّا بلاغا مِن اللّهِ} استثناه من قوله: {لن أجد} وهو غير جنس المستثنى منه، أي لن ينقذني إلا تبليغ ما أرسلت به إليكم بلا زيادة ولا نقص {ورِسالاتِهِ} بأن أعلنها لكم بلا توان، وهذا على جعل {بلاغا} وما بعده بدلا من {ملتحدا}، وعلى كون الاستثناء منقطعا لأن البلاغ من اللّه لا يكون داخلا تحت قوله: {ملتحدا}، وعلى كون الاستثناء متصلا فيكون استثناء من مفعول {لا أملك} وتكون جملة {قل لن يجيرني} إلخ اعتراضية مؤكدة لنفي الاستطاعة عن نفسه وبيان عجزه وكمال تفويضه جميع أموره خالقه، وعليه يكون المعنى {لا أمْلِكُ لكُمْ ضرّا ولا رشدا} وإنما أملك إبلاغ رسالات اللّه إليكم فقط بالبشارة إن أطعتم، والنذارة إن عصيتم فلا أقدر على ضركم إن أبيتم ولا على نفعكم إن قبلتم، والأول أولى يؤيده قوله تعالى: {ومنْ يعْصِ اللّه ورسُولهُ} فلم يأتمر بأمرهما ولم ينته بنهيهما أي لم يطعهما ولم يصدق بما جاءه عنهما {فإِنّ لهُ نار جهنّم} خاصة وقد أفرد الضمير هنا رعاية للفظ من {خالِدِين فِيها أبدا} 23 لا يخرجون منها وجمع الضمير هنا رعاية لمعناها إذ تطلق على الجمع معنى كما تطلق على المفرد لفظا، وهكذا في كل موضع من هذا القبيل، ويفهم من هذه الآية أن من يطع اللّه ورسوله، فإن له الجنة خالدين فيها أبدا {حتّى إِذا رأوْا} هؤلاء الكفرة {ما يُوعدُون} به من العذاب على لسان رسلنا {فسيعْلمُون} عند حلوله بهم {منْ أضْعفُ ناصِرا وأقلُّ عددا} 24 هم أم المؤمنون، لأن المؤمنين ينصرهم اللّه، والكافرين لا ناصرهم {قُلْ} ما {إِنْ أدْرِي أقرِيبٌ ما تُوعدُون} به من العذاب {أمْ يجْعلُ لهُ ربِّي أمدا} 25 أجلا بعيدا لوقت معلوم عنده ونظير هذه الآية الفقرة الأخيرة من الآية 109 من سورة الأنبياء، أي إنكم معذبون لا محالة، ولكن لا يعلم وقت نزول العذاب بكم إلا هو {عالِمُ الْغيْبِ} وحده بالرفع وقرى بالنصب على المدح والاختصاص {فلا يُظْهِرُ على غيْبِهِ أحدا} 26 من خلقه {إِلّا منِ ارْتضى مِنْ رسُولٍ} فإنه يطلعه على بعض غيبه معجزة له وبرهانا على صدقه، والتنوين فيه للتعظيم {فإِنّهُ} جل شأنه {يسْلُكُ} يدخل {مِنْ بيْنِ يديْهِ ومِنْ خلْفِهِ} أي ذلك الرسول المرتضى {رصدا 27} حرسا من الملائكة يحرسونه من تعرض الشياطين حينما يريد اطلاعه على غيبه، ويحفظون ذلك الغيب من أن يتخطّفه الجن والمردة فيصونه من أن يخلطوا به ما ليس منه، كما يفعلونه مع الكهنة عند استراقهم السمع، فإنهم إذا تلقفوا الكلمة خلطوا معها تسعة أمثالها كذبا فيخبرونهم بها من حيث لا يعلم الصدق من الكذب {لِيعْلم} ذلك الرسول المراد به هنا وهو محمد صلى الله عليه وسلم واللّه أعلم، لأنه هو المخاطب في هذه السورة والمعهود فيها، وقرئ بكسر اللام وضم الياء، أي ليعلم غيره بذلك الغيب وقرئ بالمجهول، أي ليكون ذلك الغيب معلوما {أنْ قدْ أبْلغُوا} أي الملائكة المخصصون بتبليغ الوحي رسل اللّه في أرضه والمراد بعضهم وهو جبريل عليه السلام لأنه المخصوص بذلك، أي أخبروا رسل اللّه {رِسالاتِ ربِّهِمْ} كما تلقوها حرفيا مصونة من اختطاف الجن والشياطين وعارية عن خلطهم بها ما ليس منها.
ويجوز عود الضمير إلى اللّه وعليه يكون المعنى ليعلم اللّه جل شأنه أن الرسل قد أبلغوا رسالاته خلقه مثلما أخذوها منه، وهو عالم بذلك قبل ذلك، وعلى عوده إلى محمد بمعنى آخر، وهو ليعلم محمد أن الرسل قبله أبلغوا رسالات ربهم كاملة كما هي، وأن اللّه حفظهم ودفع عنهم شر أعدائهم وأهلكهم نصرة لهم وخذلانا لأمثالهم الخارجين على الأنبياء صلوات اللّه عليهم، وخير الأقوال الثلاثة آخرها، وهناك قولان آخران أحدهما أشدّ ضعفا من الآخر وهو عود الضمير إلى من كذب وأشرك، أي ليعلم هؤلاء أن الرسل أبلغوا، والثاني عوده لإبليس، أي ليعلم أن الرسل قد أبلغوا إلخ، وهما ليس شيء واللّه أعلم {وأحاط} اللّه جل جلاله {بِما لديْهِمْ} أي الرسل وعلمه محيط بهم وبجميع خلقه وأحوالهم من جميع جهاتهم قبل خلقهم وإرسالهم، ولم يزل عليما بهم فلا يخفى عليه شيء من أطوارهم، يعلم وجود الشيء كما كان يعلمه قبل وجوده، وأعاد بعض المفسرين ضمير لديهم إلى الرصد وليس بشيء {وأحْصى كُلّ شيْءٍ عددا} 28 من جميع ما خلقه وعلم كيفيته وكميته أيضا من حيوان وجماد وقطر وورق شجر وزبد بحر وذر وغيره، واللّه تعالى يعلم ما وراء ذلك مما لا يعلم البشر، ولم يسمع به، ولم يخطر بباله.